Thursday 7 March 2013

البديل .... رؤية وتطلعات


(الشعوب والثقافات تقابلها بعض التحديات البشرية والطبيعية تصل أحياناً إلي حد تهديد وجودها نفسه ،وبمقدار قوة وايجابية الاستجابة والتعامل مع التحدي تنجح وتنهض الحضارات والشعوب )
ارنولد توينبي
تتقافز الافكار وتروح يمنة ويسار... ويسرح القلم ويغازل صرير الأوراق... التغيير وماذا نفعل من أجل هذا الوطن الذي أعطانا كل شيء ولم نعطيه إلا القليل ....
أسئله مهمه لابد من الإجابه عليها… من نحن؟؟؟ و لماذا نحن هنا؟؟؟
نحن كما نعلم شباب به بعض الأفراد القلائل مر ببعض الخبرات السابقة والأغلبية منه لم يكن له سابق خبرة أو مشاركة ولكنه تعلم بعض الأشياء بالممارسة وتعلم أخرى بخبرات السابقين.
القاعدة التى تجمعنا كلنا هى حب هذا البلد والرغبه الملحة فى إنقاذها مما هى فيه… و حيث أنه لا فائدة ترجى من الإصلاح أو الترقيع فى ظل تلك القوانين والسلطات المتشابكة والفساد المستشري والدمار الكبير للحياة السودانية… فلا بديل عن التغيير.
ليس تغيير شخص.. ولكن تغيير منظومه بالكامل… دستور وقوانين وأليات إدارة وحكم وإقتصاد .. و بعض عادات وتقاليد الشعب أيضاً.. تغيير لبعض المفاهيم التى يعتقد البعض أنها ثابته لا تتغير ومسلمات يجب العمل بها إلي أن يرث الله الأرض وماعليها .
و لكن كيف نستطيع التغيير؟؟
هل بالحلم بإمكانية حدوث مظاهرة مليونيه تتوجه للقصر الجمهوري لتسقط النظام و يهرب اللصوص؟؟.. ربما.
و لكن أيضاً كيف فى كل تلك الحشود التي يجمعها النظام من شرطة وأمن ومليشيات (رباطة) التى تبرر إعتقالك قبل ان تبدأ التنفيذ والحشد؟؟
في ظل إجراءات أمنية تصادر الصحف قبل طباعتها وتوقف الندوات والليالي السياسية قبل موعدها بساعات وتغلق المراكز الثقافية وتوقف كل شيء من شأنه أن يجمع الناس حوله.
ربما تكون المظاهرات الحاشدة إحدي وسائل التغيير.
و ربما تكون كذلك الندوات و المؤتمرات.
وكذلك الإضراب العام والعصيان المدني.
ولا ننكر أن للوقفات الإحتجاجية دور كبير في جمع وتوعية الشعب بما يحدث ويدور.
و لكن كيف نسعى للتغير… و من الذى يغير؟؟
أهى المعارضة أم الشعب؟؟؟
ليست المعارضه بالطبع، خاصة وأن المعارضه الحالية بتكويناتها المختلفة هى المساعد الحقيقى للمؤتمر الوطني حيث أنه يستمد قوته من ضعف تلك المعارضه دائمة التناحر والتقاتل وإستهلاك المجهود فى التنظير و الجدال و البحث بإخلاص عن أى مواطن للإختلاف…. 
لن يكون التغيير سوى بأيدى الناس البسطاء اصحاب القضية والمصلحة من التغيير… ولكننا نراهم مذعورين و خائفين.. ينطلقون أحياناً فيفعلون ما عجزنا عنه.. مثل إعتصام المناصير وإعتصام بابنوسة .. و خامدين أحيانا كثيره يخافون من أن يعلو صوتهم أو يهمسون بأبسط المطالب الأساسية. ولكن هل جربنا التفاعل مع الناس و التواصل معهم.. بنفس طويل هذه المرة.. و ليس بنفس قصير كما حدث في الإنتفاضات السابقة (يناير – يوليو)... نحتاج لسياسة النفس الطويل وأن نقتنع جميعا أن التغيير يحتاج لوقت، جهد حقيقى وتضحيات.
حتي في إنتفاضة يوليو التي إشتركت فيها كل التيارات الشبابية وكانت بتنسيق كبير وحققت جُمعاتها نجاحات ساحقة إبتدأ بالكتاحة ولحس الكوع وشذاذ الأفاق والكنداكة…. إشتكى النشطاء من العنف الرهيب الذي قوبلت به تلك الإنتفاضة والقمع المفرط والإستخدام الواسع للرصاص الحي والرصاص المطاطي وظهرت لأول مرة تشكيلات الرباطة علي غرار البلطجة والشبيحة في ثورات الربيع العربي وهم كوادر علي إستعداد لفعل أي شيء لبقاء النظام... و كانت أغلب المظاهرات في أماكن ثابتة مما سهل الأمر علي قوات الأمن لقمعها. وتعالت فيها الهتافات المنادية بأسقاط النظام… أو هتافات أخرى تطالب بالحريه والديمقراطية. و كان رد فعل الناس فى الشارع كبيراً وساند عدد كبير من المواطنين هذه الإحتجاجات بشجاعة وبسالة كبيرة جدا. وظهر النصف الأخر من الشعب الذي يحدثك بحرمة الخروج علي الحاكم... و يظل يبحث فى ذاكرته عن الأحاديث و الأيات القرآنية والأمثال والأقوال المأثوره التى تتحدث عن عدم إلقاء النفس فى التهلكه بجانب السؤال المقيت والمثير للغثيان... وإذا ذهب البشير من سيحكم بعده؟ من البديل؟؟؟؟.. أحسن لينا ديل شبعوا وأحسن من يجينا واحد تاني عايز يشبع .. 
و القسم الثانى تجدهم ينظرون إليك نظرة إعجاب شديد.. وتجد ألسنتهم تلاحقك بالدعوات أن ينصرك الله ويثبتك ويدعو الله ان يدمر النظام ويخسف بهم الأرض… و عندما تطلب منه أن يشارك معك وأننا وحدنا لا نستطيع التغيير.. تجده يسارع فى الإنصراف مع الوعد .. بالخروج في المرات القادمة أو عندما تعتصمون في مكان سنكون معكم؟؟؟؟
و كانت إنتفاضة يوليو هى نقطه فاصله فى مسار التغيير ومفهوم إسقاط النظام عبر المظاهرات... فبعد إعتقال المئات من النشطاء السياسيين وكوادر الأحزاب التي شاركت بصفتها الفردية والعديد من الطلاب ومن شارك في الإنتفاضة… 
و بدأ السؤال المصيرى يطرح نفسه ……. أين الطريق؟؟؟
الإحباط بدأ ينتشر كالسرطان بين النشطاء..
الشارع ليس لنا والأمن أصبح أكثر شراسة والرباطة أكثر توحشاً... الجماهير لاتجد من تثق به سواء شخص أو تيار..
ماذا نفعل؟؟؟ هل ننتهج النضال المسلح ونمارس التغيير بالقوة مثل كل الحركات التي تقاتل علي الأطراف؟؟
أسئله تدور بيننا..
نرى بعض التحركات الإجتماعيه تقوم بمطالب فئويه بسيطه، نجدهم أحياناً يناشدون السيد الرئيس الذى هو سبب مشاكلهم من الأساس… وبالرغم من ذلك أجمع الجميع داخل السودان وخارجه أن لحركات التغيير والتظاهرات المتقطعة دور كبير فى كسر حاجز الخوف عند تلك الفئات… وأن حلم التغيير لا يزال موجود.
للأسف حتى الأن لا يوجد تيار قوى يستطيع تحريك الجماهير أو تثق به الجماهير.. حتى الأحزاب رغم قوتهم التنظيميه وجماهيريتها ألا أن لديهم أساليبهم الخاصة في التعامل مع التغيير ولهم منظارهم الذي يرون به الواقع...
لا يوجد الزعيم الملهم الذى يلهب العواطف ويحرك المشاعر ويثق به الناس ويقفون خلفه... لن تجدى أى محاولات وأفكار الإصلاح التدريجى والتسول من الحزب الحاكم... فكل تلك الأحزاب التى ترضى ببعض المقاعد هنا و هناك عن طريق الصفقات المشبوهه مع المؤتمر الوطني هى شريك رئيسى فى الجريمة علي الوطن.
ومن هنا ولد اليقين الراسخ أن التغيير سيكون بيد الشعب وشبابه القابضين علي الجمر بكل تياراتهم وتكويناتهم وهم قادرون علي ايجاد تواثق يحكم تعاونهم جميعا قبل مرحلة التغيير و بعد مرحلة التغيير… لم تنجح تجربه للتغيير فى العالم بدون ترتيب سيناريو حقيقى قابل للتنفيذ لما بعد التغيير.
ويجب أن يكون لحركات التغيير دور كبير في صياغته... ونستطيع الدفع فى هذا الإتجاه طوال الوقت
ولكن يبقى السؤال المهم… كيف يكون التغير السلمى (ما دمنا إتفقنا أنه هو الهدف) و بيد من؟؟؟
و ما دورنا تحديدا فى ذلك.
وظيفة أى قوه سياسيه أو أى تجمع يطمح للتغيير السلمى هى فقط التنظيم ومحاولة تحويله لتغيير سلمى غير فوضوى. ومن هنا نبعت فكرة حركة البديل من نبض هذا الشعب ومن عمق وجدانه فهي منه وإليه..ولتحقيق التغيير وإحلال نظام ديمقراطي يحقق العدالة والحرية... نحتاج أن نكون نحن القوه المنظمه التى بين الناس فى كل مدينة، كل حي، كل شارع، كل جامعه، كل مدرسة، وكل بيت... نحتاج لأن نستمع للناس ونفكر معهم وأن نقف معهم فى نضالهم ونتعلم منهم ونحكى لهم بعض تجاربنا البسيطة...
نحتاج لأن نربط بين الخبز والحريه.. فهما ليستا قضيتين.. بل هما قضيه واحدة.. نحتاج لأن نربط بين معاناة أهالى دارفور وأهالى طوكر، بين موظفى الخدمة المدنية الذين شُردوا بسلاح التمكين و مزارعي الجزيرة الذين زُج بهم في السجون، بين أبناء جبال النوبة وأبناء النيل الأزرق الذين ظلمتهم السياسات الرعناء وزادت من معاناتهم... نحتاج أن نكون مع كل فئه وداخل كل فئه... نحتاج أن يكون هناك بديل فى دارفور، فى كردفان، في الشرق، في كل مدن الشمال، في جبال النوبة وفي النيل الأزرق، فى الجزيرة والخرطوم، فى كل بقاع السودان ... نحتاج لشعب واعى عنده حلم التغير و ينتظر فقط لحظة الخروج المنظم بدون أى أضرار لبلده..
بالتأكيد الطريق طويل ولكنه ليس مستحيل.
فلنحاول الأن ترتيب الأوراق و معالجة الأخطاء والتقييم… والتنظيم.. بالتأكيد يتطلب تحقيق حلم التغيير للعمل الجاد، والإخلاص للفكره.. الإخلاص ثم الإخلاص ثم الإخلاص...ثم سياسة النفس الطويل...
بالتأكيد نحتاج أن نتحاور ونضيف لتلك الإستراتيجيه بعد وضوح الهدف وقتها فقط سنعلم جميعاً أى وسائلنا أكثر فاعليه... وأيها ذات تأثير طويل المدى وأيها ذات تأثير محدود... وكيف نأتى بوسائل جديده.. ومتى؟؟
أجمع الكثير من المحللين السياسيين فى مقالات كثيره داخل السودان و خارجه على أن النظام الحالى يعانى الكثير من الترهل والتخبط والعشوائيه. وتعجب الكثيرون كيف لم يسقط بعد كل تلك الأزمات.. فالبطش ليس مبرر.. فصحيح أن هذا النظام متغلغل أمنيا و مسيطر على الكثير من المؤسسات الهامة… و لكنه أكثر الأنظمة المرفوضة فى تاريخ السودان، وأكثر الأنظمة الحاكمة فشلاً، وأكثر الفترات التى حدثت فيها كوارث ونكبات أنكهت جسد الوطن وقسمته وشرذمت أركانه العتيدة كانت على عهده.
وكانت التحليلات كثيره بداية من القهر والظلم والعنصرية وإفتعال الحروب والأزمات لكسب تعاطف المواطن البسيط إضافة لتغلغل الفساد وإنتشاره في معظم مفاصل الدولة حتي صار أمراً عادياً.
و لكن ماذا نريد ان نفعل… و ما إمكانياتنا فى الأساس؟؟؟
إتفقنا جميعاً أن التغيير لن يكون إلا بيد الشعب
لذلك نحتاج أن نكون بين الناس.. أن نبنى أنفسنا فى كل مكان.. أن نعوض نقص الإمكانيات بالمجهود و الإخلاص... بالتأكيد نحتاج لتحقيق ذلك لخطط وأفكار جديدة تعبر عن موقفنا السياسى.. وعن قضايا التضامن مع المطالب الإجتماعيه، والإلتحام مع حركات الإحتجاج الصاعدة... وإصدار المنشوارت البسيطة والمعبرة التي تنور المواطن البسيط بقضاياه ومطالبه في شكل مبسط وهادف.
هذا هو السبيل الوحيد لكي نصل للناس.. نسمع منهم ونشجعهم ليطالبوا بحقهم.. واليقين أننا لو قمنا بهذا الأمر ووقفنا مع المواطنين وتحدثنا إليهم ببساطة شديدة وساندناهم فى قضاياهم.. وقتها سيكون من السهل إقناع أي فرد وإن كان معارضاً للتغيير أن يقف ويطالب بحقه الشرعي فينتظم الوطن حراك كبير جداً... ويبقى السؤال
كيف يكون سيناريو التغيير؟؟؟ وماذا بعد؟؟؟


تابعونا على يوتيوب
http://www.youtube.com/watch?v=GnWnY5W5jn4

تابعونا على فيسبوك
http://www.facebook.com/Albadeel15